الصرصور والنملة

بسم الله الرحمن الرحيم

الصرصور والنملة

تعود الصرصور الكسول أن يسرق طعامه من الآخرين ، كان يظن أن من حقه أخذ كل شيء دون جهد أو تعب ، لأنه
ببساطة يعتبر أن العمل مضيعة للوقت 0000 وكم مرة صاح في الليالي الدافئة الحلوة

كل شيء متوفر وكثير فلماذا أجمع وأخبئ الطعام كما يفعل هؤلاء الأغبياء 000

كان يضحك متعجبا حين يرى جماعة النمل تروح وترجع حاملة الطعام لتحتفظ به من أجل الشتاء البارد 0000 وكان وهو يغني ويرقص يخاطب النمل قائلا
ما كل هذا الغباء ، هل من الحكمة تضييع هذه الساعات الجميلة الرائعة بمثل هذه الأمور التافهة ؟ !

مرت أيام الصيف وبدأ الجو يتغير شيئا فشيئا 000 الصرصور الكسول كان غير مهتم 000 ومازال مستغرباً من جماعة النمل 000 لكنه وبعد حين ، بدأ يلاحظ أن الأمور تتغير ، الطعام قـل ، البرد شديدا ، الرياح عاتية لا تترك له حرية الحركة

وعاد الصرصور إلى عادته القديمة 000 قال في نفسه وهل هناك أسهل من السرقة ؟

مرت أيام وهو يسرق من بيوت النمل الطعام الذي يريد 000 كان ذلك سهلا ولا يكلفه جهدا أو عناء 000 لكن بعد فترة000 واحدة من جماعة النمل قبضت عليه ونادت بصوت مرتفع 000 اجتمع النمل جماعات ، جماعات 000 وبعد تفكير وتمحيص قرروا محاكمة هذا الصرصور 0000حتى في مثل هذا الموقف العصيب ضحك الصرصور وقال ماذا !! محاكمة .. حتى أنا لا أعرف ماذا تعني كلمة محاكمة هذه، فكيف أنتم ؟

قالت واحدة من النمل
الذي يعمل ويتعب يعرف ماذا تعني المحاكمة000 ألا تعرف أيها الكسول أننا مجتمع منظم يعرف كل شيء عن هذه
الأمور 000
بصراحة كان الصرصور لا يفهم شيئا من الذي يجري 000 قال في نفسه 000 محاكمة ! ليكن وماذا ستكون النتيجة !000على أقل تقدير سأتعرف على هذه التي تدعى محاكمة !

بعد التشاور والتباحث اجتمع مجلس النمل ، ووضعوا الصرصور الذي كان خائفا ، في قفص الاتهام .. وعندما سمع كلمة (( متهم )) كاد يغيب عن الوعي ، خاصة عندما تأكد أنه المقصود بهذه الكلمة المخيفة000

قالت النملة رئيسة المجلس
يا جماعة النمل ، اليوم تشهدون قضية من أخطر القضايا ، إنني أقول لكم بصريح العبارة إن هذا الصرصور الكسول الماثل أمامكم تعود أن يسرق من بيوت الآخرين ، لأنه كما تعلمون جميعا لا يحب أن يعمل، إنه يمضي حياته بالاعتماد على الكسل واللعب !! وعلى هذا أرى أن يعاقب أشد عقاب ليكون عبرة للآخرين 000

أخذ الصرصور يرتعش من الخوف والاضطراب .. وازداد خوفه ، عندما ارتفع صوت نملة أخرى تجلس إلى يمين رئيسة المجلس قائلة
يجب أن أوضح هنا أن هذا الصرصور وأمثاله من جماعة الصراصير الكسالى ، يظنون بوقاحة غريبة أنهم يؤدون خدمة للآخرين لمجرد أنهم يغنون هذا الغناء المقزز ، ويحسبون أن من حقهم السرقة0000 بل يعتبروننا أننا خدم عندهم ، وعلينا أن نؤمن طعامهم بينما هم يرقصون ويغنون !

قالت واحدة أخرى من النمل بدهشة وتهكم
ماذا ! هل يظنون هذا الصرير المزعج غناء؟000 يا للعجب 000 لا شيء يزعج مثل هذا الصرير !000 لكن أريد أن أعرف كيف يجدون أن من حقهم أخذ طعام الآخرين ؟


أجابت النملة ببساطة ووضوح
الصراصير تظن أنها خلقت للغناء واللعب والتسلية 0000 طبعا إنهم يظنون أن أصواتهم في غاية الجمال 000 وقد علمت من بعض المعارف من الحشرات الأخرى ، أن الصراصير تجد أن من واجب النمل وكل حشرة أخرى أن تكون خادمة للصراصير في تأمين الطعام 000هل رأيتم وقاحة مثل هذه الوقاحة ؟ !
مجتمع الصراصير كما تعلمون مجتمع مفكك غير منظم 000إنهم يريدون الراحة والتسلية على حساب الآخرين 00

ضج المجلس بالاستنكار ، وصاح الجميع بضرورة معاقبة الصرصور الكسول وكل صرصور آخر 000هنا وقفت رئيسة المجلس وطالبت الجميع بالصمت ، وقالت
أنت أيها المتهم ، ماذا تقول بعد أن سمعت ما سمعت 000 طبعا من حقك أن تدافع عن نفسك 000 قل ما تريد ؟

قال الصرصور وهو يرتعش

كنت جائعا ، ولم أجد الطعام ، ماذا أفعل ، هل أموت جوعا ؟
قالت رئيسة المجلس بصرامة

لكن هذا لا يجيز لك السرقة 000إنك ببساطة تأكل جهدنا وتعبنا وقوتنا 000 لماذا تركت الوقت يسرقك ولم تعمل من أجل هذه الأيام ، هل من المنطق أن نعمل نحن ونشقى ونتعب ، لتأتي أنت وأمثالك هكذا بكل وقاحة وتستولون على جهدنا ؟

أجاب الصرصور خائفا
أنا وجماعة الصراصير لا نعرف غير الغناء ! كان ذلك منذ قديم الزمان ومازال ! ولدت ووجدت الأمور هكذا ، عليكم أن تحاكموا أجدادي 000 أنا لست إلا صرصورا مسكينا000

قالت رئيسة المجلس

هذا يدل على أنكم في غاية الغباء 000 لماذا لم تعملوا وبعدها ليكن الغناء كيفما تشاءون ؟ لو كنتم تملكون ذرة من الذكاء لعملتم ثم غنيتم 0000الغناء جميل بعد العمل والنشاط وبذل الجهد 000 ولا معنى للحياة بدون عمل !

ارتفع صوت النمل عاليا

لا معنى للحياة من غير عمل .. لا معنى للحياة من غير جهد

قالت النملة رئيسة المجلس

لذلك ، وحسب قانون جماعتنا أرى أن نحكم عليك بالموت..لأن الذي لا يعمل لا يستحق الحياة .. إنك وأمثالك عالة على الآخرين

حاول الصرصور بكل الوسائل أن ينال عطف النمل ، لكن دون جدوى ، فقد استقر القرار على إعدام الصرصور السارق لجهد الآخرين
عند صباح اليوم الثاني رأت جماعة الصراصير ذلك الصرصور ميتا وملقى في الشارع 000 رغم ذلك فقد ظلت الصراصير كما كانت دائما 000 ولم يتغير شيء 000 وكانت جماعة النمل النشيطة في غاية الأسف لأن هذا الدرس لم يفد بقية الصراصير!